recent
أخبار ساخنة

ترجمة رباعيات الخيام: هل يمكن للإبداع أن يتفوق على الأصل؟

 رباعيات الخيام هي مجموعة من القصائد الشعرية الفارسية، تُنسب إلى عمر الخيام، عالم الرياضيات والفلك والفلسفة والشاعر الفارسي الشهير. ترجمت الرباعيات إلى العديد من اللغات، ومن أشهر الترجمات العربية ترجمة أحمد رامي.



أهمية وتأثير رباعيات الخيام في الأدب العالمي

تعود أهمية رباعيات الخيام إلى عدة عوامل، منها:

  • التنوع في الأفكار والموضوعات: تتناول الرباعيات مجموعة متنوعة من الموضوعات، منها: الحب والحياة والموت والحكمة والفلسفة.
  • جمال الأسلوب وقوة الصور الفنية: تتميز الرباعيات بأسلوبها السهل الممتنع وقوة الصور الفنية التي استخدمها الخيام.
  • الانتشار الواسع: ترجمت الرباعيات إلى العديد من اللغات، وأصبحت من أشهر الأعمال الأدبية في العالم.

تأثير رباعيات الخيام

تركت رباعيات الخيام تأثيرًا كبيرًا على الأدب العالمي، حيث ألهمت العديد من الكتاب والشعراء، ومنهم:

  • الشاعر الإنجليزي إدوارد فيتزجيرالد: الذي ترجم الرباعيات إلى اللغة الإنجليزية عام 1859م، وساهم في نشرها في العالم الغربي.
  • الشاعر الفرنسي بول فاليري: الذي كتب عدة قصائد مستوحاة من رباعيات الخيام.
  • الشاعر الألماني فريدريك نيتشه: الذي أشار إلى رباعيات الخيام في العديد من أعماله.
  • الشاعر المصري أحمد رامي: الذي ترجم الرباعيات إلى اللغة العربية عام 1924م.

الفلسفة والأفكار التي احتوتها رباعيات الخيام

تتناول رباعيات الخيام مجموعة متنوعة من الموضوعات الفلسفية، ومنها:

  • الحياة والموت: يطرح الخيام تساؤلات حول معنى الحياة والموت، ويدعو إلى العيش في اللحظة الحاضرة وعدم القلق بشأن المستقبل.
  • الحب والجمال: يُعد الحب والجمال من الموضوعات الأساسية في رباعيات الخيام، حيث يدعو الخيام إلى الاستمتاع بالحب والجمال في الحياة.
  • الحكمة والفلسفة: تتضمن الرباعيات العديد من الحكم الفلسفية، والتي تعكس أفكار الخيام العميقة حول الحياة والوجود.

ترجمة رامي لرباعيات الخيام: تفوق في الإبداع


وتمرّ زهاء ألف عام تفصل بين الحكيم والشاعر الفارسي عمر الخيام وبين الشاعر العربي الكبير أحمد رامي، وهي مدة زمنية تكاد تُختزل في لحظة واحدة هي زمن القصيدة. 

بين شاعر الرباعيات ومبدعها وبين عاشقها ومترجمها لحظات فريدة، لحظات لامتناهية من العشق الأبدي لأسرار الكون. خاصة بعد أن أخرجت أم كلثوم القصيدة من ديوان أحمد رامي وجعلتها تجري على ألسنة الناس وعشاق الفن الراقي. فالقصيدة في الغناء العربي أرقى الأشكال الغنائية، وظلت تحتل دائماً مركز الصدارة في الغناء العربي.

وكان لغناء سيدة الطرب العربي لمقاطع من الرباعيات مصحوبة برقة ألحان السنباطي شهرة كبيرة في العالم العربي. هكذا اكتسب الخيام شهرته الواسعة عند العرب حينما اكتمل في شعره النغم الجميل والصوت العذب، والكلمة الجميلة الموحية، فاقترن اسمه بأحمد رامي الشاعر العربي الذي ارتبط اسمه أيضا بأم كلثوم التي غنت له ما يفوق مائتي أغنية من الروائع الخالدة. فأصبحت من الأغاني الخالدة في ذاكرة الشعر العربي.

 وكانت أولى قصائد الشعر العربي الفصيح الذي تغنت به أم كلثوم بألحان رياض السنباطي. وأول بيت لحنه السنباطي من الرباعيات هو: “أطفئ لظى القلب بكأس الشراب/ فإنما الأيام مثل السحاب”، لتتوالى بعد ذلك باقي الأبيات. وقد لحّن السنباطي كل رباعية بلحن مختلف.

وتضم الرباعيات 342 بيتا غنت منها أم كلثوم ثلاثين بيتاً. إلا أننا نجد اختلافاً بين المقروء والمسموع سواء في الرباعيات أو في شعر أحمد رامي بصفة عامة، أي أن القارئ لشعر أحمد رامي يجد فرقاً بين الديوان وما تغنّت به أم كلثوم. 

فلم تُراع أم كلثوم الترتيب العام للديوان كما غيّرت في بعض الكلمات. وكان رامي يترك لها الحرّية في أن تختار وتُغيّر ما يحلو لها من كلمات ولا يعارض على أي تعديل لأنه يؤمن بذوقها الرفيع وحسن انتقائها للكلمات التي تناسب الغناء. فهو يُعيد النظم من أجل الوصول صياغة التي تُرضي أم كلثوم. فعلى سبيل المثال اختارت كلمة “كأس المنى” بدل “كأس الطلا” وكلمة “تملأ” بدل “تفحم” في الشطر الثاني من البيت الثاني، بالإضافة إلى العديد من التعديلات.


اكتسبت الرباعيات شهرتها الواسعة بفضل صوت سيدة الطرب العربي، أم كلثوم، التي أحيت تلك القصيدة من ديوان أحمد رامي وأبدعت في تقديمها للعالم العربي وعشاق الفن الراقي.

رحلة  رامي من الفارسية إلى العربية


لقد تعلم أحمد رامي الفارسية ليحس بهذه الروح الخيامية. وقد صدر ديوانه لأول مرة عام 1924م وغنتها أم كلثوم عام 1949م. واعتمد أحمد رامي في هذه الترجمة على عدة مخطوطات بالمتاحف والمكتبات الأجنبية بكل من أكسفورد، وباريس، وبرلين ولندن وكمبردج بالإضافة إلى مراجعة العديد من الترجمات والمراجع الشرقية والغربية. 

فقد مكنته دراسته بجامعة السوربون من إتقان عدة لغات وخاصة اللغات الشرقية كالتركية واليونانية والفارسية. تألق في القصيدة العربية الفصحى، وكتب الشعر بالعامية فرفعها إلى قمة الإبداع. كان يلقب بشاعر الشباب وشاعر الحب والجمال. 

ويذكر توحيد رامي أن والده حينما قرأ الترجمات المختلفة لرباعيات الخيام "أحس أن هناك تناغماً بينه وبين الخيام، فهو طروب مثله، غنائي مثله، محب للحياة مثله". وقد صرّح أحمد رامي بأن ترجمته تزامنت مع فقدان أخيه بفرنسا. 

وظهر هذا الحزن جليّاً في ترجمته التي جاءت أكثر قربا وإحساسا بالشاعر عمر الخيام. فقد شعُر بما شعُر به الخيام من حزن على مصير الإنسان وتفاهة الحياة، فأهدى ديوانه للخيام المدفون في نيسابور ولأخيه الشهيد المدفون في حيفا.

 وجاء في مقدمة ديوان أحمد رامي أيضاً أن أقدَم مخطوط للرباعيات كتبه أحد سكان شيراز سنة 865ه أي بعد موت عمر الخيام ب350 سنة، وكلما بَعُد بها الزمن زاد عدد الرباعيات وذلك لما وقع فيها من تحوير حتى وصل عددها في أحد مخطوطات كمبردج إلى 800 مخطوط. وأقدم مخطوط في أكسفورد لا يحوي إلا 158 رباعية.

وقد حاول العديد من النقاد فرز الأصيل عن الدخيل في الرباعيات. ومن أهم الدراسات في هذا المجال دراسة جلال زنكابادي الذي يرى أنها تُرجِمت إلى ما يقرب من مائة لغة ولهجة. وتكاد تكون الترجمة الإنجليزية لفيتزجيرالد، التي ترجمها عام 1859م، أفضل الترجمات للغتها الشعرية العالية التي توازي اللغة الشعرية الراقية في الشعر الكلاسيكي الإنجليزي، وإن كانت هي نفسها، كما يذكر بعض النقاد، لم تسلم من الأخطاء والإضافات.

 ثم توالت الترجمات بعدها إلى اللغات الأجنبية. وشكلت انقلاباً في الثقافة الأوروبية وحركة تجديد الشعر الأوروبي. وتجاوزت نسخ الكتب المطبوعة الكتبَ الأكثر شهرة. وتأخر اكتشاف الرباعيات في الثقافة العربية أكثر من نصف قرن من الزمن عن اكتشافها في الثقافة الأوروبية والعالمية.


 


google-playkhamsatmostaqltradent Blogarama - Blog Directory